حوار الأستاذ يوسف الرامي المدير التنفيذي لمركز محمد السادس لدعم القروض الصغرى التضامنية عن قطاع التمويل الأصغر في المغرب
حسن ابراهيم - البوابة العربية للتمويل الأصغر
يعد السوق المغربي للتمويل الأصغر أكبر الأسواق العربية من حيث حجم المحفظة و ثاني أكبر تلك الأسواق من حيث الإنتشار بعد جمهورية مصر العربية. لقد استطاع هذا السوق احتواء الأزمة التي مر بها منذ عام 2007 نظراً للإجراءات التي تم اتخاذها لدعم البنية المؤسسية والتشريعية لهذا القطاع. ومن بين تلك المؤسسات المغربية التي تهتم بتقديم الدعم لقطاع التمويل الأصغر المغربي مركز محمد السادس لدعم القروض الصغرى التضامنية . لقد استطاع موقع البوابة العربية للتمويل الأصغر عمل هذا الحوار مع الأستاذ يوسف الرامي المدير التنفيذي للمركز عن قطاع التمويل الأصغر في المغرب.
متي تم إنشاء مركز محمد السادس لدعم القروض الصغرى التضامنية؟ وماهي مهامه وأهدافه و إنجازاته؟ و ما هي الخطط المستقبلية لكم لدعم القطاع؟
تم إنشاء مركز محمد السادس لدعم القروض الصغرى التضامنية من طرف مؤسسة محمد الخامس للتضامن بتشاور مع فاعلي قطاع القروض الصغرى بالمغرب. كان تدشين المركز يوم الخميس 8 نوفمبر سنة 2007 من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وذلك بمناسبة انطلاق الحملة الوطنية الثامنة للتضامن.
يندرج هذا الانجاز في إطار السياسة الرامية إلى إدماج أصحاب المشاريع و المبادرات الشخصية في الدائرة الاقتصادية و الاجتماعية عن طريق القروض الصغرى.
يتمحور عمل مركز محمد السادس لدعم القروض الصغرى التضامنية حول ثلاثة محاور أساسية:
تكوين مستخدمي جمعيات القروض الصغرى المغربية و زبنائهم المستفيدين.
دعم تسويق منتوجات مستفيدي القروض الصغرى.
تطوير مرصد التمويل الأصغر.
منذ سنة 2008 إلى الآن، تمكن المركز من تكوين مباشر في عدد من المجالات لما يناهز أربعة ألف فرد من الموارد البشرية لجمعيات القروض الصغرى، بالإضافة إلي الدعم اللوجستي و التربوي وكذا مواضيع هندسة و خطط التكوين التي استفاد منها أكثر من ثمان ألف شخص مهتم بالقطاع. أما زبناء جمعيات القروض الصغرى، فقد مكن المركز أكثر من تسعة ألف زبون من تكوينات مالية و تسييرية و مهنية خلال اللقاءات الجهوية لأصحاب الأنشطة المدرة للدخل أو المعارض الوطنية أو الدولية التي ينظمها المركز بشراكة مع السلطات المحلية المختصة و الفاعلين في قطاع القروض الصغرى بالمغرب.
تشكل هذه اللقاءات الجهوية و المعارض فرصة ليس فقط لتقوية قدرات المستفيدين عن طريق عمليات تكوين مستهدفة من طرف أخصائيين و إنما فرصة كذلك لإنعاش منتوجاتهم على المستوى الوطني و الجهوي. و في نفس الإطار، تم انطلاق موقع الانترنت ضمن بوابة المركز من اجل إنعاش منتوجات أصحاب المقاولات الصغرى لدى المشترين المهتمين سواء على الصعيد الوطني أو الدولي.
على مستوى المرصد الوطني للتمويل الأصغر الذي يعتبر نوعا ما منصة للإعلام و تبادل الآراء و التجارب الخاصة بالقطاع، فمن بين انجازاته يمكن أن نذكر على سبيل المثال لا الحصر:
بوابة التمويل الأصغر للمركز من اجل تواصل و تبادل للمعلومات على المستويين الوطني و الدولي،
الخريطة الوطنية للتمويل الأصغر التي تساهم في الاستجابة لحاجيات الشفافية في القطاع،
الدراسة الإستراتيجية للقطاع في أفق سنة 2020 و التي تؤكد علي أهمية التمويل الأصغر كأحد الفاعلين الأساسيين في محاربة الفقر عبر خلق مناصب للشغل وأنشطة مدرة للدخل.
هذا إلى جانب تنشيط ورشات عديدة و المشاركة في المؤتمرات و الندوات و الموائد المستديرة و دعم الباحثين و نشر مذكرات تحليلية أو مجلات أسبوعية، الخ.
بفضل تظافر المجهودات، سوف نحقق في المستقبل بمشيئة الله سبحانه و تعالى المزيد من الانجازات، بحيث نتوخى أن نكون رواد إفريقيا الفرانكفونية و كذا جهة إفريقيا الشمالية في مجالات تدخلنا لدعم و تشجيع القطاع.
يعتبر سوق التمويل الأصغر المغربي من الأسواق الرائدة في الوطن العربي، فما هي مقومات تلك الريادة والتي يمكن للأسواق الناشئة العمل علي تبني مثل هذه المقومات لضمان قيام أسواق ذات أساس مالي واجتماعي جيد؟
بالفعل، سوق التمويل الأصغر المغربي هو من الأسواق الرائدة في الوطن العربي، و يرجع ذلك أولا و بالأساس إلى العمل الجبار المهني اليومي الذي تقوم به جمعيات القروض الصغرى المغربية سواء على مستوى أعضاء المجالس الإدارية اللذين هم شخصيات معروفة لدى العموم تساند بشكل مجاني مؤسساتها للقروض الصغرى أو على مستوى الموارد البشرية التي تعمل بشكل حماسي و بروح اجتماعية لمواكبة الزبناء من أجل تحسين مستواهم المعيشي.
عامل أخر ساهم في جعل السوق المغربي من الأسواق الرائدة في الوطن العربي هو الإطار القانوني الواضح السائر في اتجاه تطوير القطاع، و كذا الدعم الهام من طرف السلطات العمومية و صناديق للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، و المساعدات المالية و التقنية التي تلقاها القطاع من طرف هيئات و مؤسسات دولية و عربية، إلى جانب تعهدات القطاع البنكي المغربي و صندوق جيدة اللذين يغطيان ما يقارب 80% من الحاجيات المالية للقطاع، و هي خاصية مميزة لا توجد في البلدان الأخرى الموجودة بجهة شمال إفريقيا و الشرق الأوسط. هذا دون أن ننسى الدور الرائد الذي لعبه كل من وزارة المالية المغربية و بنك المغرب (البنك المركزي) خصوصا منذ اندلاع أزمة تسديد ديون القروض الصغرى.
المهمة الأساسية لمؤسسات التمويل الأصغر هي إحداث التنمية المجتمعية، فما هي النتائج التي وصلت إليها مؤسسات التمويل الأصغر المغربية في هذا المجال حتى الآن؟ وهل تعتبر تلك النتائج كافية؟
أشاطركم القول بان المهمة الأساسية لمؤسسات التمويل الأصغر هي إحداث التنمية المجتمعية إلى جانب الكيانات المكلفة بالتنمية المستدامة والدولة و المجتمع على حد سواء، هذه المؤسسات لها دور مهم في المساهمة في تخفيف ظاهرة الفقر و التهميش بواسطة منتوجات مالية في متناول أشخاص عبروا عن احتياجاتهم لذلك من اجل تطوير أعمالهم أو تجارتهم.
في ظرف لا يتعدى 15 سنة ، أكد قطاع القروض الصغرى نجاحه في محاربة ظواهر الفقر و التهميش، و أظهرت دراسات مختصة تتعلق بتأثيرات القروض الصغرى على المجتمع و الأسرة و الفرد جوانب ايجابية، نذكر منها: خلق فرص العمل سواء بشكل مباشر من طرف جمعيات القروض الصغرى المغربية التي تعتبر من المستخدمين الأولين بالبلاد أو بشكل غير مباشر عن طريق القروض الصغرى التي طورت مشاريع خلقت فرص عمل تقدر بحوالي مليون وظيفة.
و إذا اعتبرنا أن كل عائلة صغيرة مغربية مستهدفة من طرف القروض الصغرى تضم في المتوسط 5 أشخاص، فانه ما يقارب 5 مليون فرد يستفيد بشكل غير مباشر من القروض الصغرى بالمغرب . هذا إلى جانب زيادة دخل الأفراد و تحسين مستويات معيشتهم و تطوير أعمالهم وولوجهم للأسواق المحلية أو الجهوية أو الوطنية ، و في بعض الأحيان، حتى الدولية، دون ان ننسى على وجه الخصوص تحسين دخل المرأة و دورها داخل الأسرة. حقيقة أن النتائج التي تم التوصل إليها إلى الآن غير كافية، لكن مازال العمل جارياً علي تنوع تأثيرات القروض الصغرى للوصول إلى ما هو أحسن.
توارد في الفترة الماضية أخبار عن تغييرات في قانون التمويل الأصغر في المغرب لدمج الكيانات الصغيرة مثلما حدث في تكوين شبكة التضامن للتمويل الأصغر (RMS)؟ ما رأي سيادتكم في إمكانية تحول الكيانات الكبيرة في السوق المغربي الي مؤسسات مالية تجارية (شركات – بنوك )؟ وهل يعتبر هذا التحول في صالح العميل والمؤسسة إذا حدث؟
تجدر الإشارة إلى أن هناك حاليا مشروع قانون للمناقشة على مستوى البرلمان المغربي يهدف بالأساس إلى إعطاء جمعيات القروض الصغرى المغربية إمكانية انفتاحها على شركاء ماليين جدد يملكون حصصا مالية في بنيتها. بعبارة أخرى، فإن مشروع القانون الحالي لا يجعل التحويل المؤسساتي يصدر بشكل آلي، بحيث أن كل جمعية قروض صغرى مغربية هي حرة في المحافظة أولا على صفتها الجمعوية وذلك حسب إستراتيجيتها وأهدافها. على أنني أظن أن تحول الكيانات الكبيرة في السوق المغربي إلى مؤسسات مالية هي بادرة حسنة، إذ ستصل إلى مرحلة من تطورها تمكنها من الولوج إلى إمكانيات مالية اكبر من التي هي عليها الآن. كما أن زبناءها سيستفيدون من منتوجات مالية جديدة كمنتوجات الادخار و التامين، الخ، هذا إلى جانب تخفيض أسعار المنتوجات مع اتساع قاعدة المستفيدين.
فيما يخص شبكة التضامن للتمويل الأصغر، فإنني أود أن أقول بأنها نابعة من إرادة لجمعيات قروض صغرى جهوية و محلية تسعى إلى وضع وسائلها المادية والمالية والبشرية بشكل تشاركي و تعاضدي حتى يتسنى لها تهيئ أفضل للتطورات اللاحقة للقطاع والاستجابة للإلتزامات القانونية و المالية التي ستنبثق عن شكله الجديد.
إلي أي مدى يعتبر المنتج المقدم في سوق التمويل الأصغر المغربي يلبي احتياجات العملاء؟ وهل يوجد تخطيط لدخول منتجات جديدة إلي السوق؟
بينت دراسة ميدانية قام بها مركز محمد السادس لدعم القروض الصغرى التضامنية خلال شهري نوفمبر و ديسمبر من السنة الماضية، أن %75 من الزبناء المستجوبين يرون أن المنتج المقدم يستجيب لاحتياجاتهم سواء كان ذلك على مستوى مدة التسديد أو المبالغ المقرضة أو سرعة إعطاء القرض للزبون أو ليونة الإجراءات لتكوين مجموعة تضامنية أو للاستفادة من قرض فردي.
و بينت دراسات ميدانية مختصة أن لزبناء القروض الصغرى بالمغرب طلبات لمنتجات جديدة كالتامين و الادخار و تحويل الأموال و الاستئجار و في ميدان السكن و ما يسمى بالمنتجات البديلة.
أشير إلى أن جمعيات القروض الصغرى المغربية لها انشغال دائم بملائمة منتجاتها للاحتياجات المالية لزبنائها. وفي هذا الصدد فإن مركز محمد السادس للقروض الصغرى التضامنية يضع حاليا اللمسات الأخيرة لدراسة ميدانية تهدف إلى استجماع ملاحظات وطلبات الزبناء في مجال المنتوجات و الخدمات التي تقدمها الجمعيات، وسوف تمكن المسؤولين من تطوير منتجات وخدمات جديدة أكثر ملائمة.
على صعيد آخر، أظن أن تحول الكيانات الكبيرة في السوق المغربي للقروض الصغرى إلى مؤسسات مالية هي التي ستمكن من إدخال هذه المنتجات و من لعب دور القاطرة بالنسبة للكيانات المتوسطة و الصغيرة.
هل عميل التمويل الأصغر المغربي راضي عن أداء مؤسسات التمويل الأصغر المغربية؟ وهل تقيس المؤسسات المغربية مدي رضا عملائها؟ وما هي الأساليب التي يجب إتباعها لحصول المؤسسات علي عميل أكثر رضا؟
يمكن القول انه على العموم، عميل التمويل الأصغر المغربي راضي عن أداء مؤسسات التمويل الأصغر المغربية، و إلا فكيف نفسر أن معظم عملاء هذه المؤسسات ظلوا أوفياء لمؤسساتهم. بطبيعة الحال، هناك مجموعة صغيرة من الأشخاص غير راضية مثلا عن المبالغ المقدمة لها أو الأسعار المطبقة للمنتوجات المالية التي تستفيد منها أو مدة تسديد القروض، الخ... وهذه المسألة طبيعية في كل نشاط اقتصادي. و حسب علمي، فقد قامت مؤسسات مغربية بقياس مدى رضا عملائها عددا من المرات، و لكن هذه المبادرات تبقى محدودة على بعض المؤسسات. لذلك ارتأى مركز محمد السادس لدعم القروض الصغرى التضامنية أن يقوم ابتداء من هذه السنة، و بشكل دوري إن شاء الله، بدراسة ميدانية تخص موضوع رضا زبناء قطاع القروض الصغرى. من شان ذلك أن يعطي معلومات هامة يمكن تكميلها بمعلومات أخرى وافية خاصة بكل مؤسسة، و هو ما سيحث بالتالي جمعيات القروض الصغرى على العمل على اتخاذ قرارات و تدابير تصب في اتجاه تحسين منتوجاتها حتى تستجيب لحاجيات و طلبات زبنائها، الأمر الذي يؤدي إلى الحصول على عملاء أكثر رضا.
في عام 1999 تم إصدار قانون ( 18-97 ) خاص بمؤسسات التمويل الأصغر وتم التعديل عليه في عامي 2004 و 2007. فما هو الوضع الحالي للبيئة التشريعية الخاصة بصناعة التمويل الأصغر المغربية ؟ و ما هي التغييرات التي يمكن أن تتم عليه التي تفيد القطاع في رأيكم؟ وهل يلاقي القطاع الدعم الكافي من الحكومة و المؤسسات المالية الرسمية؟
قانون 18-97 الذي دخل حيز التطبيق سنة 1999 هو الإطار القانوني الخاص بجمعيات القروض الصغرى التضامنية. ويعبر هذا القانون عن ثلاثة متطلبات :
تخصيص نشاط جمعيات القروض الصغرى في هذا المجال
إمكانية تحقيق استدامة القرض بعد مرور 5 أعوام علي النشاط
شفافية الحسابات
على صعيد آخر، وضع هذا القانون بندا خاصا بإنشاء الفدرالية الوطنية لجمعيات القروض الصغرى، و هي منظمة مكلفة بتمثيل جمعيات القروض الصغرى أمام الهيئات العمومية، ووضع مدونة قانونية تخص السلوكات الأخلاقية للمهنة و اقتراح مخططات عمل تشجع على تطوير القطاع. كما توقع القانون إنشاء لجنة استشارية للقروض الصغرى تجمع في كيانها ممثلين عن وزارة المالية و البنك المركزي و الفدرالية الوطنية لجمعيات القروض الصغرى و الابناك المغربية. هذه اللجنة مكلفة بفحص تراخيص مزاولة المهنة، و المبلغ الأقصى للقروض الممنوحة و سعر الفائدة الأعلى الذي يتم تطبيقه، و كذا معايير حسن تسيير مؤسسات القروض الصغرى.
في سنة 2004، كان هناك إصلاح في قانون 18-97 خص إمكانية منح قروض تستهدف تحسين ظروف السكن للمستفيدين أو الارتباط بشبكة الماء الصالح للشرب أو كذالك التجهيز بآليات كهربائية منبثقة عن الطاقة الشمسية. في سنة 2007، كان هناك إصلاح آخر يرخص بموجبه لجمعيات القروض الصغرى تمويل منتوجات التامين على المرض.
كل فاعلي قطاع القروض الصغرى المغربي متفقون على أن الإطار القانوني لمزاولة المهنة كان سباقا و أمكن من تطوير سريع للقطاع. و هناك إصلاحات متوقعة في هذا القانون مع المشروع الذي تكلمنا عنه سابقا.
فقد السوق المغربي بعد الأزمة التي تعرض لها نسبة كبيرة من الاستثمار الأجنبي كمصدر تمويل و أعتمد علي التمويل التجاري من البنوك المحلية كمصدر تمويل بديل، فما هي في رأيكم الإجراءات التي تساعد علي إعادة جذب رؤوس الأموال للإستثمار في السوق المغربي بشكل خاص والأسواق العربية بشكل عام؟
كما أشرنا إلى ذلك سابقا في هذا الحوار، فان المغرب قد طور إستراتجية ترتكز بشكل أساسي على الرساميل الوطنية، حيث أن الأبناك المغربية تمول ما يزيد عن 80% من الحاجيات المالية للقطاع. وفي نفس الوقت وإلى حد الآن، طورت جمعيات القروض الصغرى المغربية علاقات متميزة مع المستثمرين والهيئات الدولية.
أرى أن المغرب من البلدان المحظوظة التي تتوفر على مؤسسات للقروض الصغرى رائدة في ميدانها تمكنت من صقل تجاربها في ميدان تمويل المقاولات الصغرى و الأنشطة المذرة للدخل. و أظن أن ما يمكن جذب رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار في السوق المغربي هو بطبيعة الحال مستوى مناسب من المردودية الذي لا يتناقض مع متابعة مهام اجتماعية. و هذا الأمر سيكون مسموحا مع التحول المؤسساتي المرتقب، و ما سيصاحبه من مراجعة للإطار القانوني للقطاع، حتى تتمكن مؤسسات التمويل الأصغر المغربي من الوصول إلى شرائح أخرى من المجتمع المغربي و من تمويل المقاولات جد صغيرة، و كذا متابعة مهامها في ظروف أحسن و تقوية رساميلها الخاصة و حكامتها.
ما هي الخطط المستقبلية و التي يسعى قطاع التمويل الأصغر المغربي إلى تحقيقها في الخمس سنوات القادمة؟
تكلمنا في السابق عن الدراسة الإستراتيجية للقطاع التي حرص مركز محمد السادس لدعم القروض الصغرى التضامنية على إنجاز كل مراحلها.
تتوخى هذه الدراسة أساسا إعطاء صورة واضحة عن دور القطاع في المستقبل، و بالضبط في افق سنة 2020. و هذا الدور هو دور رائد في مجال محاربة الفقر عن طريق خلق مناصب للشغل و أنشطة مدرة للدخل. و من اجل ذلك، عليه أن تكون فيه خاصيات النجاعة و الفعالية و الاستمرارية مع الاندماج في السياسات العمومية للمملكة. كما ان على القطاع أن يستند على سبع ركائز إستراتيجية في متناوله حددت كالآتي:
المحيط المؤسساتي و التنافسي
الإطار القانوني
الحوكمة في جمعيات القروض الصغرى
الفعالية العملية
تطوير عرض المنتوجات
استهداف فعال للزبناء
الجهوية/ الشفافية
و قد تم ترجمة هذه الركائز إلى 48 عملية دقيقة، سوف تمكن من ضمان إنجاح الأهداف الاجتماعية للقطاع. ستستهدف هذه الإستراتيجية خدمة 3.2 مليون مستفيد وخلق أو تمويل 2 مليون منصب شغل إضافي مع جاري للقروض سيصل إلى حوالي 25 مليار درهم (أي ما يناهز 42,22 مليون يورو) و هو ما سيشكل 1,8% من المنتوج الوطني الداخلي الخام.
مع حدوث ثورات الربيع العربي والتأثر الذي يشهده قطاع التمويل الأصغر في بعض البلدان العربية، ونظراً لخبرة القطاع المغربي في أزمة الإقراض المتعدد الذي تغلب المغرب عليها في الفترة من 2007 – 2010 ما هي أهم مقترحاتك وتوصياتك التي تقدمها لمؤسسات التمويل الأصغر في تلك البلدان لتجاوز تلك الأزمات والخروج منها بأقل الخسائر؟
أسباب أزمة الإقراض المتعدد التي مر بها المغرب في فترة 2007-2010 و التي تمكن من التغلب عليها، أصبحت معروفة ألآن، و هي كالأتي: النمو المتكاثر لمحفظة القروض غير المسيطر عليها، وجود سياسات جد تساهلية لمنح القروض، غياب أدوات فعالة لتسيير المخاطر، تجاوز القدرات المؤسساتية لبعض جمعيات القروض الصغرى، أنظمة معلوماتية و تسييرية متجاوزة، و كذا وجود عيوب كثيرة في مجال المراقبة الداخلية.
المهم في هذا كله هو أن رد فعل جميع فاعلي قطاع القروض الصغرى بالمغرب كان سريعا بحيث تمكنوا من إعادة زرع الثقة و تفادي أي تأثير عدوى على مستوى ما لم يتم تسديده من ديون الزبناء. فالحكومة نظمت عملية دمج مؤسسة زاكورة من طرف مؤسسة البنك الشعبي للقروض الصغرى، و وضعت أيضا مخططا لتوطيد و ترسيخ القطاع بتعاون مع بنك المغرب و الفدرالية الوطنية لجمعيات القروض الصغرى أهم ما جاء فيه هو مراقبة ما يسمى بالقرض المشبك لدى جمعيات متعددة من اجل تفادي فرط الديون، و ضمان السيولة اللازمة لتغطية الحاجيات المالية المستقبلية للقطاع، و في هذا المضمار نشير إلى أن البنوك المغربية حافظت إلى حد ما على مستويات قروضها للقطاع.
و في نفس الوقت، قامت جمعيات القروض الصغرى المغربية بحصر نمو نشاطاتها، كما وضعت خطط هيكلة واسعة النطاق، خصت تقوية مناهج منح القروض و تكوين فرق خاصة باسترجاع القروض و المتابعة القانونية ضد المستدينين أصحاب المتأخرات، كما قامت الجمعيات بتبادل مستمر للمعلومات حول الزبناء ذوو الديون غير المؤداة و ذلك عبر مركزية غير رسمية للمخاطر.
من جهتها، وضعت الفدرالية الوطنية لجمعيات القروض الصغرى لجان عمل مختصة تهم أنظمة المعلومات، و الحوكمة و المراقبة الداخلية. أما وزارة المالية فقد تبنت مرسوما في ديسمبر 2008 خاص بتصنيف و تموين ديون زبناء القروض الصغرى. و في نفس الإطار، فقد أصدر بنك المغرب في سبتمبر 2009 مذكرة تعليمات لجمعيات القروض الصغرى، على هذه الأخيرة بموجبها أن تعلن عن الزبناء اللذين لا يؤدون مستحقاتهم لدى المركزية الوطنية للمخاطر التي دخلت حيز التنفيذ منذ شهر أكتوبر 2009.
هذه هي الإجراءات السريعة التي اتخذها فاعلو القطاع، أما على مستوى الأمد المتوسط و البعيد فقد قام قطاع القروض الصغرى بعمليتين أساسيتين من اجل تحصين و تقوية القطاع: الأولى تتعلق بالدراسة حول التحول المؤسساتي لجمعيات القروض الصغرى التي اشرنا إليها في عدد من المرات في هذا الحوار. العملية الثانية تخص مشروع خلق شبكة التمويل الأصغر التضامني الهدف من ورائها هو ضمان شروط استمرار الجمعيات الصغيرة والمتوسطة نظرا لمميزات قربها من الساكنة المستهدفة.
كانت هاته التدابير التي يمكن لبعض مؤسسات التمويل الأصغر في البلدان العربية أن تاخدها بعين الاعتبار، و التي ساهمت في ظهور قطاع مغربي أكثر نضج، مجهز بنظام مركزي فعال للمخاطر و كذا نسق أحسن للتسيير.
مؤتمر سنابل السنوي للتمويل الأصغر هو التجمع الإقليمي الوحيد لمؤسسات القطاع بالإضافة إلي برنامج تبادل الأقران الذي أصدرته الشبكة مؤخراً، عدا ذلك تفتقد الأسواق العربية العمل الجماعي وتبادل الخبرات علي المستوي الإقليمي، فكيف يمكن تحقيق التعاون الإقليمي فيما بين مؤسسات التمويل الأصغر العاملة، وما هي الآليات التي يمكن للسوق المغربي أن يقترحها ويشارك بها؟
اشدد في هذا المجال على التواصل بكل إمكانياته عبر اللقاءات و الاجتماعات و التظاهرات أو عبر الانترنيت و البريد الالكتروني حتى نتمكن من تحديد متطلباتنا و توجهاتنا.
وأظن أن من أنجع الآليات للعمل الجماعي و تبادل الخبرات على المستوى الإقليمي هو إبرام معاهدات و اتفاقيات تعاون تبرز بشكل واضح الأهداف و الوسائل المحددة للوصول إليها و كذا التزامات الأطراف المتعاقدة. و في هذا الإطار، فقد أبرم مركز محمد السادس لدعم القروض الصغرى التضامنية اتفاقية تعاون شبكة سنابل تهدف إلى تطوير أكثر لتبادل والتجارب وكذا إنعاش العلاقات الثنائية مع الفاعلين في القطاع في جهة شمال أفريقيا والشرق الأوسط. ويبقى المركز رهن إشارة الفاعلين العرب لوضع وسائله و كفاءاته من أجل ربط أو تقوية شراكات عربية وإفريقية.