إن للربا آثارًا خطيرة على المجتمع الذي ينتشر فيه، وسأتحدث عن الأضرار الاقتصادية والاجتماعية والنفسية للربا بإيجاز شديد فالربا يمنع الاستثمار في المشروعات المفيدة للمجتمع
إن صاحب المال يجد في النظام الربوي فرصة للحصول على نسبة معينة من الربا على ماله، وهذا يصرفه عن استثمار ماله في مشروعات زراعية أو صناعية أو تجارية تعود على المجتمع بالنفع والخير الكثير، وينصرف عن تلك المشروعات التي قد تكون ضرورية للمجتمع لأنها قد تتطلب منه جهدًا واستعدادًا لتحمل الخسارة، في حين أن صاحب المال يتمكن في النظام الربوي من الحصول على هذا الربح دون مشقة أو خسارة، وهكذا يكون الربا مصدرًا لتوقف الأموال عن خدمة المجتمع، ومِن ثَمَّ يترتب على ذلك انخفاض الإنتاج ..
والربا يؤدي إلى ارتفاع الأسعار
يرجع ارتفاع الأسعار في العالم اليوم بحد كبير إلى النظام الربوي السائد اليوم، فلا يرضي صاحب المال إذا استثمر ماله في زراعة أو صناعة أو شراء سلعة أن يبيع سلعته أو الشيء الذي أنتجه إلا بربح أكثر من نسبة الربا، وكلما زاد الربا كلما ارتفعت الأسعار كثيرًا، هذا إذا كان المنتج أو التاجر صاحب المال، وأما إذا كان المنتج أو التاجر ممن يقترض بالربا فإن ارتفاع أسعار منتجاته شيء طبيعي، حيث سيضيف إلى نفقاته ما يدفعه من الربا
الربا يؤدي إلى انتشار البطالة
يتسبب الربا في انتشار البطالة، وذلك لأن أصحاب الأموال يفضلون إقراض أموالهم بالربا على استثمارها في إقامة المشروعات المختلفة، وهذا بلا شك يقلل من فرص العمل، فتنتشر البطالة نتيجة لذلك، وقد بين بعض علماء الغرب أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين البطالة والتعامل الربوي، وذلك واضح من اعتراف أحد علماء الغرب حيث يقول من مصلحتنا أن نخفض سعر الربا إلى درجة نتمكن من تشغيل الناس جميعًا .
ثانيًا الأضرار الاجتماعية
إن للربا أضراراً اجتماعية خطيرة نجملها فيما يلي
استغلال حاجة الآخرين
إن التعامل الربوي يقوم على أساس استغلال حاجة الآخرين حيث ينتظر المرابي المحتاجين إلى ماله ليس ليساعدهم، بل ليجد فريسة تحقق رغباته في امتصاص دماء الآخرين، فهو يعطيهم بالربا قروضًا ثم لا يهمه أن يربح المقترض أم لا، بل المهم عند المرابي أن يحصل على أكبر قدر ممكن من المال ربًا على ماله، ولذلك فإن الربا يذهب المعروف بين الناس حيث لا يجد المحتاج من يواسيه أو يقرضه قرضًا حسنًا، وهذا كله يترك آثارًا سيئة في قلب المحتاج، فينشأ الحقد والغضب في قلبه نحو الأغنياء المرابين الذين يستغلون حاجة الفقراء إلى المال، وهذا يجعل الفقير المحتاج الذي اقترض بالربا يعمل بتهاون وكسل لأنه يعلم أن ما سيكسبه بكَدِّه وسعيه سيسلبه المرابون الظالمون، فتقل رغبتهم في العمل ومن ثَمَّ يضعف الإنتاج التدابير الواقية من الربا
الربا يؤدي إلى التشاجر والحروب بين الناس
لما كان النظام الربوي يقوم على أساس الاستغلال، فكان من الطبيعي أن تحدث المشاجرات بين أفراد المجتمع الواحد، ولأجل هذا الاستغلال فإنه في كثير من الأحيان لا يريد من كان عليه دين أن يدفع ما يجب في ذمته من أصل أو ربا إلا مكرهًا فتكون الخصومات والمشاحنات بين الدائن والمدين، وكان العرب في الجاهلية يتعاملون بالربا، فيحصل بسببه محاربات عظيمة، وفي الوقت الحاضر قد أدى التعامل بالربا إلى احتلال بعض الدول الغنية دولاً فقيرة بحجة ضمان أموالها والمحافظة عليها .
الربا يؤدي إلى تقسيم المجتمع إلى طبقات
إن النظام الربوي يؤدي إلى خلق الطبقية بين الناس في المجتمع الواحد، ويؤدي إلى اختلال التوازن بينهم، وذلك لأن المقترض غالبًا ما يكون من المحتاجين والمقرض يكون من الأغنياء أصحاب رؤوس الأموال، فيزداد الغني ثراءً والمحتاج فقرًا، وكل هذا لأن المال محصور بين أيدي طائفة قليلة من الأثرياء، ومِن ثَمَّ تكون مواجهة بين طبقة الفقراء وطبقة الأغنياء في المجتمع الواحد .
ثالثًا الأضرار النفسية للربا
إن للربا أضرارًا نفسية خطيرة، وذلك لأنه يولد في الإنسان حب الأثرة والأنانية، فلا يعرف المرابي إلا نفسه، ولا يهمه إلا مصلحته، فتنعدم بذلك روح التضحية والإيثار، وتنعدم معاني الخير بين الناس، فيصبح المرابي وحشًا مفترسًا لا هم له في الحياة إلا جمع المال وامتصاص دماء المحتاجين، وهكذا ينتشر الحقد والجشع في نفس المرابي ويقابلها البغض والكراهية للأغنياء المرابين من جانب الفقراء المحتاجين
المصدر /روائع البيان لمحمد علي الصابوني